سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في "اللقاء الشهري"
(لقاء رقم 3/سؤال رقم 12):
"
السؤال: نجد أن بعض الناس ربما يتخاطب مع غيره من الشباب وغيرهم باللغة الإنجليزية أو ببعض مفرداتها، هل يفرق هذا بين من كان في مجال عمل، كما أننا نحن مثلا في المستشفى نتخاطب مع زملائنا باللغة الإنجليزية غالبًا، ولو كان الأمر لا يحتاج للكلام ،ولكننا تعودنا ذلك بمقتضى مخالطتنا لهم ، فهل في هذا بأس ، وإذا تكلم الإنسان بكلمة من غير العربية فهل يأثم بذلك؟
الجواب:
الكلام باللغة غير العربية أحيانًا لا بأس به ، فإن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال لطفلة صغيرة جارية قدمت من الحبشة فرآها وعليها ثوب جميل، فقال : ( هذا سنا ، هذا سنا ) أي : هذا حسن، كلمها باللغة الحبشية؛ لأنها جاءت قريبة من الحبشة، فخطاب من لا يعرف العربية أحيانًا باللغة التي يفهمها هو لابأس به، وليس فيه إشكال، لكن كوننا يأتينا هؤلاء القوم لا يعلمون اللغة العربية، ثم نتعجم نحن قبل أن يتعربوا هم، مثل أن تجد بعض الناس إذا خاطب إنسانًا غير عربي بدل ما يقول: لا أعرف، يقول: " ما في معلوم ". لماذا يقول: " ما في معلوم "؟ لأجل أن يعرف ما يقول له، والصحيح أن يقول له: لا أعرف، حتى يعرف هو اللغة الصحيحة، لكن مع الأسف الآن نخشى على أنفسنا أن نكون أعاجم" انتهى.
ويقول الشيخ ابن عثيمين أيضا - رحمه الله - "لقاء الباب المفتوح" (لقاء رقم 142/سؤال رقم 3):
"
الذي ينطق بالعربية لا ينطق بغير العربية، ولهذا كان عمر بن الخطاب يضرب الناس إذا تكلموا برطانة الأعاجم، والعلماء كرهوا أن يكون التخاطب بلغة غير العربية لمن يعرف اللغة العربية، ولذلك - مع الأسف الشديد - الآن عندنا هنا في السعودية التي هي أم العربية نجد بعضهم يتكلم باللغة غير العربية مع أخيه العربي، بل بعضهم يعلم صبيانه اللغة غير العربية، بل بعضهم يعلمهم التحية الإسلامية باللغة غير العربية، سمعنا من يقول لصبيه إذا أراد مغادرته أو أتى إليه، يقول : " باي باي " ..؟!! ثم نرى الآن مع الأسف الشديد أنه يوجد لافتات على بعض المتاجر باللغة غير العربية، يعني : في بلادنا العربية يأتي العربي من البلد يقف على هذا الدكان لا يدري ما معناه، وما الذي فيه؟ ولا يدري ما هذا المتجر؟ ويأتي إنسان أوروبي لا يعرف البلد، ويقف ويعرف ما في الدكان، لماذا؟ لأن المكتوب باللافتة بلغته، أما نحن فلا، وهذا لا شك أنه من نقص التصور في شأننا في الواقع، من عندك ممن يفهم من اللغة الإنجليزية، أي : ولا (1%) من السكان، ثم تجعل اللافتة على دكانك بهذه اللغة! هذا أقل ما يكون حياءً من أهل البلد، لكن الحقيقة أن القلوب ميتة، وإلا كان يُهْجَر هذا الذي جعل دكانه باللغة غير العربية!! كان الذي ينبغي لنا نحن ونحن عرب، والله أنت ما فتحت دكانك لنا، إنما فتحته لأهل هذه اللغة ونقاطعه، ولو أننا قاطعناه لكان غدًا يكتبها بالحرف الكبير باللغة العربية ..." انتهى.
ويقول أيضا - رحمه الله - "لقاء الباب المفتوح" ( لقاء رقم/186/ سؤال رقم/15
) :
إذا خاطبك الإنسان بلغته أجب عليه بلغته، لكن الأفضل أن تبقى الألفاظ الشرعية على ما كانت عليه، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ( لا يغلبنكم الأعراب على صلاتكم العشاء فإنهم يدعونها العتمة ) ؛ لأن الأعراب يعتمون بالإبل، وهي في كتاب الله العشاء، فنهى الرسول - عليه الصلاة والسلام - أن يغلبنا الأعراب على لغتنا مع أنهم عرب، لكن مع الأسف الآن أن المسلمين غلبتهم البربر والعجم على لغتهم، فصاروا الآن يتعاملون باللغة الإنجليزية عندنا، حتى بلغني أن بعض الناس من جهلهم في مجالسهم العادية يتكلمون باللغة الإنجليزية وهم عرب، وهذا يدل على الضعف الشخصي إلى أبعد الحدود، وعلى عدم الفقه في دين الله، وكان عمر - رضي الله عنه - من حرصه على اللغة العربية التي هي لغة القرآن والحديث يضرب من يتكلم بالفارسية أو بالأعجمية " انتهى.
وانظر "الآداب الشرعية" لابن مفلح (3/432-433).